دخل واحد من السلف احد المزارع و كان جائعا متعبا فشدته نفسه،لان يأكل و بدأت المعدة تقرقر،فأطلق عينيه في الأشجار فرأى تفاحة،فمد يده إليها ثم أكل نصفها،ثم شرب من ماء النهر بجانب المزرعة، لكنه انتبه بعد لك من غفلته بسبب الجوع و قال لنفسه:ويحك كيف تأكل من ثمار غيرك دون استئذان و اقسم ألا يرحل حتى يدرك صاحب المزرعة يطلب منه أن يحلل له أن أكل من هذه التفاحة فبحث حتى وجد داره فطرق عليه الباب فلما خرج صاحب المزرعة استفسر عن ما يريد، قال صاحبنا:<دخلت بستانك الذي بجوار النهر و أخذت هذه التفاحة و أكلت نصفها ثم تذكرت أنها ليست لي و أريد منك أن تعذرني في أكلها و أن تسامحني عن هذا الخطأ> فقال الرجل:لا أسامحك،و لا اسمح لك أبدا ألا بشرط واحد،قال صاحبنا و هو* ثابت بن النعمان*:و ما هو هذا الشرط؟قال صاحب المزرعة:أن تتزوج ابنتي......قال ثابت:أتزوجها،قال الرجل:و لكن انتبه أن ابنتي عمياء لا تبصر،خرساء لا تتكلم،صماء لا تسمع،و بدا ثابت بن النعمان يفكر و يقدر--انعم بها من ورطة—ماذا يفعل؟م علم أن الابتلاء بهذه المرأة و شانها و تربيتها و خدمتها خير من أن يأكل الصديد في جهنم جزاء ما أكله من التفاحة و ما الأيام و ما الدنيا إلا أيام معدودات، فقبل الزواج على مضض و هو يحتسب الأجر و الثواب من الله رب العالمين.
و جاء يوم الزفاف و قد غلب الهم على صاحبنا كيف ادخل على امرأة لا تتكلم و لا تبصر و لا تسمع فاضطرب حاله و تمنى أن لو ابتلعته الأرض قبل هذه الحادثة و لكنه توكل على الله و قال:<لا حول و لا قوة إلا بالله و إنا لله و إنا إليه راجعون>
و دخل عليها يوم الزفاف فإذا بهذه المرأة تقوم إليه و تقول له:السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فلما نظر إليها تذكر ما يتخيله عن الحور العين في الجنة.قال بعد صمت: ما هذا؟ أنها تتكلم و تسمع و تبصر فاخبرها بما قال عنها أبوها قالت:
<صدق أبي و لم يكذب>.قال:اصدقيني الخبر قالت:أبي قال عني :أنني خرساء،لأنني لم أتكلم بكلمة حرام،و لا تكلمت مع رجل لا يحل لي، و إنني صماء، لأنني ما جلست في مجلس فيه غيبة و نميمة و لغو، و أنني عمياء، لأنني لم انظر إلى أي رجل لا يحل لي. فانظر و اعتبر بحال هذا الرجل التقي و هذه المرأة التقية و كيف جمع الله بينهما.
ماشاء الله ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم